كبيرة هي المسافة بين الطرف والطرف الآخر، لذا كان الإنتقال من طرف إلى طرف أو على حساب طرف معضلة مستحيلة الحل في صاد وجميع الأعداد الحقيقية خصوصاً على مستوى الجماعات ، كما انها تحمل كثيراً من الظلم ومجافاة الواقع لترجيحها طرفاً على طرف .
قد يبدوا كلامي مبهماً من خلال أسطري الأولى التي تبدوا وكأنها شروح لمعادلة رياضية من الدرجة الثالثة ، ولكن من خلال نظرة فاحصة متمحصة تراعي جوانب المنطق الملتقي مع الواقع يتضح لنا مصداقية الفكرة ودقة النظرة .
من ناحية دينية ، نجد أن ديننا الإسلامي بني على إثبات مسألة ((التضاد والتقابل العكسي)) ، لذا كان الخيار الأفضل والأكمل له أن لا يجنح نحو أحد أطراف المعادلة دون الآخر ، فصار هو الحل الوسط ما بين الرهبانية النصرانية المبنية على مثالية العبد والإنفلات اليهودي المبني على الهوى المطلق ، لذا أضحى الإسلام هو الخيار الأكمل من جميع الجوانب ، فمنطقياً هو الأنسب للعقل ، والأكثر مراعاة للخواص البشرية مثل (( فقدان الكمال )) .
هذه المسألة (( التضاد )) راعاها الإسلام بشكل رائع ، فلم ينسف الطرفين أو أحدهما ، بل عمل على النصح والإرشاد دون إجبار أو إكراه من منطلق قوله تعالى ((( لا إكراه في الدين ))) . حيث تمت المهمة بالحصول على خصوصية الفكر وحرية الإختيار مع بيان الإيضاح والإرشاد القائم على الإحترام المتبادل .
ولكن
للأسف ، عندما لم نلتزم بالمنهج المنطقي للفكرة ، وحاولنا عبثاً إالغاء وسط التساوي وقعنا في إشكالات لا حصر لها .
فعلى الصعيد الديني تحول الأمر إلى لعبة (( إن لم تكن معي فأنت ضدي )) ، فعلت أصوات المحرضين والمكفرين حتى بين ابناء المذهب الواحد والدين الواحد ، وأصبحت كلمة الكفر رصاصاً نرمي به من نشاء وكيف نشاء ، فأصبحت اللغة السائدة هي لغة الإقصاء وليس التبيان ، وأصبح نهج الحوار إفحامياً عن كونه نصائحياً ووعظياً .
أما على الصعيد السياسي فالحكاية متشابهة أيضاً ، أصبحت القوة هي المنطق الحاكم ، فصار من يملكها هو صاحب الرأي الأوحد ، والنهج الأصوب ، فصار الوضع كما مجتمع الغاب القوي فيه يأكل الضعيف .
إقتصادياً أيضاً ، أعادوا الكرة وأخطأوا ذات الخطأ حينما أرادوا الهروب من رمضاء الشيوعية إلى نار الرأسمالية ، فانتقلوا من شجع الحكومة إلى شجع التجار ، ولم يحصلوا إلا على معادلة متساوية الطرفين .
حتى في عالم الرياضة ، تأكدت ذات المعادلة ، فلم ينجح الدفاع الكلي ولا الهجوم الكلي ، بل اصبح التوازن بين الدفاع والهجوم هو المنطق الأفضل والعنوان الأمثل للحصول على النجاح[/